الأزمة الصحية والإنسانية في غزة الآن

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Threads

تواجه غزة أزمة صحية وإنسانية غير مسبوقة، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار المستمر، مما أدى إلى انهيار النظام الصحي وتفاقم الأوضاع المعيشية. فالمستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد الهائلة من الجرحى والمرضى، مع النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي، في حين توقفت معظم المراكز الصحية عن العمل بسبب نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء. كما ارتفعت معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء، وتفشت الأمراض المعدية نتيجة الاكتظاظ ونقص مياه الشرب النظيفة، بينما يعيش السكان في حالة من الصدمات النفسية العميقة جراء فقدان الأحبة والدمار الواسع للبنية التحتية.

 الأزمة الصحية الحالية في غزة

1. انهيار النظام الصحي

لم يعد النظام الصحي قادراً على تأمين الحدّ الأدنى من الخدمات الطبية الطارئة والروتينية بسبب ضربات مباشرة على البنية التحتية، ونقص الوقود والإمدادات، وفقدان الطواقم. هذا لا يعني فقط قليل من الأطباء، بل توقف سلسلة كاملة من الخدمات الحيوية من إنعاش، جراحة طارئة، رعاية أمومة، علاج مزمن، وتمنع الإمدادات من الوصول. كما تشير تقارير صادرة عن منظمات طبية إلى أن جزءًا كبيرًا من المستشفيات والمراكز الصحية في غزة تعرض لأضرار جسيمة أو خرج عن الخدمة بالكامل. إضافة إلى أن الاستهداف المتكرر لمرافق الرعاية الصحية أدى إلى توقف العديد منها عن تقديم خدماتها بشكل كلي أو جزئي، وهو ما جعل آلاف المرضى والجرحى بلا خيارات علاجية قريبة أو بديلة.

اقرا المزيد أطباء غزة بلا أدوات

2. تفشي الأمراض والأوبئة

الظروف (نقص مياه شرب آمنة، اكتظاظ النازحين، انهيار شبكات الصرف الصحي) تهيئ بيئة لانتشار الأمراض المعدية، نتيجة الاكتظاظ السكاني، فمئات آلاف النازحين يعيشون في مراكز إيواء مكتظة أو في العراء، ما يسهّل انتقال العدوى. كما يشكل تلوث المياه أكثر من 90% من المياه غير صالحة للشرب، ومع توقف محطات المعالجة ازدادت معدلات الأمراض المعوية. إضافة إلى ضعف النظافة والصرف الصحي، حيث أن تراكم النفايات وانهيار شبكات الصرف الصحي خلق بيئة مثالية لانتشار الجراثيم والطفيليات. الأمر الذي يسبب في ارتفاع معدلات الوفيات بسبب أمراض كان يمكن علاجها بسهولة، وزيادة أعداد حالات سوء التغذية المرتبطة بالالتهابات المتكررة.

3. نقص الغذاء وسوء التغذية

يشهد قطاع غزة أزمة غذائية نتيجة الحصار وإغلاق المعابر وتدمير الأراضي الزراعية والمخازن، الأمر الذي أدى إلى انقطاع سلاسل التوريد وارتفاع حاد في الأسعار جعل معظم الأسر عاجزة عن توفير احتياجاتها الأساسية. هذا الوضع انعكس بشكل خطير على الأطفال والنساء، حيث يعاني حوالي 20 ألف طفل من سوء التغذية في المستشفيات والمراكز الصحية، من بينهم 3 آلاف يعانون من سوء تغذية حاد، كما تعاني الحوامل والمرضعات من فقر الدم ونقص الفيتامينات، ما يضعف صحتهن وصحة الأجنة والرضع. ومع انتشار الجوع وسوء التغذية، ارتفعت معدلات الإصابة بالأمراض المعدية وتأخر النمو الجسدي والعقلي للأطفال، وسُجلت بالفعل وفيات نتيجة المجاعة أو أمراض مرتبطة بها.

4. نقص الإمدادات الطبية والوقود

يعاني القطاع الصحي في غزة من عجز شديد في الأدوية الأساسية، وعلى رأسها المضادات الحيوية، إلى جانب النقص الكبير في أدوات الجراحة، وأجهزة العناية المركزة، ومواد التعقيم. كما فقدت المستشفيات عددًا ملحوظًا من طواقمها الطبية نتيجة الإصابات والوفيات أو اضطرار بعضهم للنزوح. ووفقًا لتقارير منظمات إنسانية مثل “أطباء بلا حدود”، فإن المرافق الصحية تعمل اليوم بما يفوق قدرتها الاستيعابية، حتى أن قوائم الانتظار للعمليات الجراحية باتت طويلة للغاية، ما يؤدي إلى وفاة مرضى قبل حصولهم على العلاج اللازم.

اقرا المزيد الحاجة الملحة للوقود والماء والغذاء في غزة الآن

أثر الأوضاع الإنسانية والأزمة الصحية على صحة السكان في غزة

تفاقم الازمة الصحية والإنسانية في قطاع غزة

تسببت الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة في تأثيرات صحية كارثية على السكان، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى المزمنين. فالحصار المتواصل والعمليات العسكرية المستمرة أدت إلى انهيار النظام الصحي، مع نقص حاد في الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية، وتعطل المستشفيات والمراكز الصحية، ما جعل الحصول على الرعاية الطبية الطارئة شبه مستحيل. هذا النقص في الخدمات الصحية أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات من أمراض يمكن الوقاية منها وعلاجها، مثل الالتهابات المعدية وأمراض سوء التغذية.

في الوقت نفسه، أدى نقص الغذاء وارتفاع معدلات سوء التغذية إلى ضعف المناعة بين السكان، مما جعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية كالالتهابات المعوية والجهاز التنفسي، إضافة إلى تفشي الأمراض الجلدية والجروح غير المعالجة. الأطفال يعانون من تأخر النمو الجسدي والعقلي، بينما النساء الحوامل والمرضعات يواجهن مخاطر صحية كبيرة تؤثر على صحتهن وصحة أطفالهن.

كما ساهمت ظروف النزوح والاكتظاظ في مراكز الإيواء وانتشار الأمراض، وبرزت الأزمة النفسية كعامل إضافي يضعف القدرة على التعافي الصحي، حيث يعاني معظم السكان من صدمات نفسية مستمرة نتيجة فقدان الأحباء والمنازل والبيئة الآمنة. ومن ثم، يمكن القول إن الأزمة الإنسانية لا تؤثر فقط على حياة الناس اليومية، بل تترك آثارًا طويلة المدى على صحة الأجيال القادمة في غزة.

 كيف يمكن تحسين الظروف الصحية والتخفيف من الأزمة الصحية في غزة؟

من الضروري تأمين الإمدادات الطبية والغذائية. يجب إدخال كميات كافية من الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية، بما في ذلك المضادات الحيوية وأدوات الجراحة وأجهزة العناية المركزة، إضافة إلى توفير الغذاء الكافي والمتوازن للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات لتقليل سوء التغذية وتعزيز المناعة. كما يعد تأمين الوقود اللازم لتشغيل المولدات الطبية والمستشفيات أمرًا حيويًا للحفاظ على عمل أجهزة التنفس والمبردات الخاصة بالأدوية واللقاحات.

تبرع الآن

بالإضافة إلى ذلك، يحتاج قطاع غزة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الصحية. ويشمل ذلك إصلاح المستشفيات والمراكز الصحية المتضررة جراء العمليات العسكرية، وتحسين شبكات المياه والصرف الصحي للحد من انتشار الأمراض المعدية، وإعادة تأهيل المخابز والمرافق الغذائية لضمان الأمن الغذائي وتقليل نقص الغذاء في المناطق الأكثر تضررًا.

وعلى صعيد الوقاية، ينبغي تنفيذ برامج صحية وقائية، مثل حملات التطعيم واسعة للأطفال ضد الأمراض المعدية، وتوزيع مياه شرب نظيفة ومستلزمات النظافة الشخصية للحد من انتشار الأمراض المعوية والجلدية. كما تعد حملات التوعية للسكان حول طرق الوقاية من الأمراض وسوء التغذية خطوة أساسية لتخفيف الأضرار على المدى الطويل.

تبرع الآن

جدول المحتويات

العربيةarالعربيةالعربية