التصعيد العسكري في غزة ليس مجرد زيادة في عدد الضربات؛ هو انتقال نوعي في طريقة القتال وأهدافه، مع تبعات إنسانية وقانونية وسياسية جسيمة. بالنسبة للمدنيين، يعني ذلك خطرًا أكبر على الحياة اليومية واستنزافًا سريعًا للمقدّرات الإنسانية.
التصعيد العسكري في غزة
التصعيد العسكري يُقصد به الارتفاع في مستوى العنف واتساع نطاق العمليات القتالية عبر أبعاد متعددة؛ إذ يشمل توسّع المساحة الجغرافية المستهدفة، وتكثيف الضربات الجوية والبرية والبحرية، وزيادة وتيرة الهجمات وتسارعها، إضافة إلى انتقال الاستهداف من المواقع العسكرية البحتة إلى البنى التحتية المدنية. كما ينعكس التصعيد في تشديد القيود الأمنية واللوجستية المفروضة على المدنيين وحركة المساعدات الإنسانية. هذا التحوّل في حجم وشدة العمليات يرتبط عادةً بتغيّر في الأهداف الاستراتيجية والاعتبارات العملياتية لدى الأطراف المنخرطة في النزاع.
مظاهر التصعيد العكسري
- تكثيف الهجمات الجوية والبرية: يتمثل في زيادة ملحوظة في وتيرة الغارات، مع استدعاء قوات برية احتياطية وتنفيذ محاولات توغل في مناطق مدنية واسعة.
- عمليات اقتحام بري واسعة النطاق: حيث يجري دخول أحياء سكنية بهدف “فرض السيطرة أو التطهير”، ما يؤدي إلى اندلاع اشتباكات مباشرة داخل الأحياء والمباني.
- الهجمات المزدوجة: تُنفذ ضربات أولية يعقبها قصف ثانٍ يستهدف المسعفين أو المدنيين الذين يهرعون لإنقاذ الجرحى وإجلائهم، وهو ما يضاعف المخاطر على الطواقم الطبية والصحفيين والسكان.
- تضييق الممرات الإنسانية وتشديد الحصار: من خلال الحد من وصول الغذاء والوقود والدواء، مما يجعل مناطق النزاع شبه معزولة إنسانيًا ويعمّق الأزمة المعيشية للسكان.
تأثير التصعيد العسكري
- ارتفاع أعداد القتلى والجرحى بين المدنيين: ارتفاع حصيلة القتلى والجرحى بين المدنيين لا يُعتبر مجرد رقم في تقارير الحرب، بل هو انعكاس مباشر لانهيار الحماية الإنسانية في مناطق النزاع. اارتفاع أعداد القتلى والجرحى المدنيين ليس مجرد نتيجة عَرَضية للتصعيد العسكري.
- نزوح داخلي: النزوح الداخلي في غزة يُعد من أبرز التداعيات الإنسانية للتصعيد العسكري، إذ تُجبر آلاف الأسر على ترك منازلها واللجوء إلى مدارس أو مراكز إيواء مكتظة تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية. هذا النزوح لا يعني فقط فقدان المأوى، بل يتبعه فقدان الخصوصية، تدهور الظروف الصحية، وانتشار الأمراض نتيجة الاكتظاظ وسوء الصرف الصحي، ما يفاقم من معاناة السكان.
- انقطاع المساعدات: انقطاع المساعدات الإنسانية في غزة يؤدي إلى تفاقم أزمة الجوع ونقص الأدوية والوقود، ويترك المدنيين بلا دعم أساسي للبقاء.
- استهداف المنشآت الحيوية: استهداف المنشآت الحيوية في غزة، مثل المستشفيات، محطات المياه والكهرباء، والأفران، يؤدي إلى انهيار الخدمات الأساسية ويضاعف معاناة المدنيين. توقف هذه المنشآت عن العمل يحرم السكان من الرعاية الصحية، المياه النظيفة، والغذاء، ويجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة، ويزيد من خطر تفشي الأمراض وسوء التغذية، خصوصًا بين الفئات الأشد ضعفًا.
اقرأ المزيد التهجير القسري في غزة
أبرز الأحداث العسكرية الأخيرة في غزة
تشهد غزة تصعيدًا عسكريًا مستمرًا منذ أكثر من عامين، تخللته عمليات واسعة النطاق نفذتها إسرائيل، أبرزها عملية “القوة والسيف” في مارس 2025، التي استهدفت البنية التحتية لحركة حماس. وأسفرت هذه العملية، بحسب وزارة الصحة في غزة، عن مقتل أكثر من 850 فلسطينيًا، من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.
في أغسطس 2025، شنت إسرائيل عملية برية واسعة في مدينة غزة، معلنةً سيطرتها على نحو 40% من المدينة، مع تركيز العمليات في أحياء الزيتون وشيخ رضوان. وأسفرت هذه الحملة عن مقتل عشرات المدنيين، إلى جانب تدمير عدد كبير من الأبراج السكنية، ما تسبب في نزوح آلاف الفلسطينيين من منازلهم. وتشير التصريحات العسكرية الإسرائيلية إلى نية توسيع نطاق العمليات خلال الأيام القادمة، وسط تصاعد المخاوف من تفاقم الوضع الإنساني في القطاع.
على الصعيد الإنساني، يواجه قطاع غزة أزمة غذائية خانقة تفاقمت بشكل غير مسبوق، إذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى وفاة أكثر من 370 شخصًا نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينهم 131 طفلًا. وتُعزى هذه الكارثة إلى الحصار المستمر، وانهيار سلاسل الإمداد، ونقص المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي الجوع في أوساط واسعة من السكان، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفًا كالأطفال وكبار السن. الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وسط تحذيرات من منظمات دولية بضرورة التدخل العاجل لتفادي كارثة إنسانية أوسع نطاقًا.
اقرأ المزيد الجرائم المتركبة بحق صحفيي غزة
