التهجير القسري في غزة واقع إنساني معقّد يتفاقم مع كل تصعيد، حيث يجبر الآلاف من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، على مغادرة منازلهم تحت القصف، أو نتيجة تدمير أحيائهم بشكل كامل، هذه الظاهرة لا تعني فقط الانتقال من مكان إلى آخر، بل تحمل في طياتها معاناة كبيرة تشمل فقدان الأمن والاستقرار، والعيش في ظروف قاسية داخل حدود القطاع ذاته.
ما هو التهجير القسري في غزة؟
التهجير القسري في غزة هو أحد أكثر مظاهر الأزمة الإنسانية إيلامًا، ويقصد به نزوح المدنيين من مناطق سكنهم الأصلية داخل القطاع إلى مناطق أخرى يقال أنها أكثر أمانًا نسبيًا، نتيجة للحرب أو القصف أو الدمار أو التهديد المباشر للحياة، ولا يُغادر هؤلاء المدنيون حدود قطاع غزة، بل ينتقلون داخلها قسرًا، حيث اضطر مئات الآلاف من السكان، معظمهم من النساء والأطفال، إلى مغادرة منازلهم بعد تلقي تحذيرات بإخلاء المناطق، أو بسبب استهداف المباني السكنية، أو فقدان الأمان والخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء.
يعيشون في مدارس مكتظة، أو خيام، أو منازل أقارب، في ظروف لا إنسانية تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وغالبًا ما تفتقر أماكن الإيواء المؤقت إلى الخصوصية، والنظافة، والخدمات الصحية، مما يزيد من معاناة الأسر ويعرض الأطفال والنساء لمخاطر إضافية، منها الأمراض وسوء التغذية، ففي بعض الحالات، يُستخدم التهجير الداخلي كأداة ضغط على المدنيين، عبر استهداف المناطق المأهولة بشكل مكثف لإجبار السكان على المغادرة الجماعية.
ما هي أسباب التهجير القسري في غزة؟
1.التصعيد العسكري المستمر
يُعتبر التصعيد العسكري المستمر من أبرز الأسباب التي تدفع آلاف العائلات إلى النزوح القسري داخل قطاع غزة، حيث تتحول الأحياء السكنية إلى ساحات قتال، وتُستهدف البيوت، المدارس، المساجد، والمستشفيات بشكل مباشر أو غير مباشر، عندما تبدأ الغارات الجوية أو القصف المدفعي، يتلقى السكان تحذيرات بإخلاء منازلهم “لأسباب أمنية”، وغالبًا لا يملكون الوقت الكافي لجمع أغراضهم، بل يُجبرون على المغادرة بشكل عاجل، تاركين وراءهم كل ما يملكون. بعضهم يعود ليجد منزله مدمّرًا بالكامل، بينما لا يتمكن آخرون من العودة أبدًا بسبب استمرار العمليات العسكرية أو تدمير البنية التحتية، ومع استمرار العدوان، تصبح مناطق كاملة غير صالحة للسكن، ويُحاصر السكان بين نار القصف وخطر النزوح، ما يؤدي إلى موجات تهجير واسعة داخل حدود غزة.
2.التدمير المتعمد للبنية التحتية
يحدث التدمير المتعمد للبنية التحتية نتيجة القصف المتواصل الذي يستهدف شبكات المياه والكهرباء، محطات الصرف الصحي، الطرق، المدارس، المستشفيات، والمباني الحكومية، هذا التدمير لا يكون عشوائيًا، بل ممنهجًا، فعندما تُدمَّر محطة مياه أو كهرباء، فإن الأثر لا يقتصر على موقع واحد، بل يمتد ليشمل آلاف العائلات في مناطق واسعة، وكذلك، فإن استهداف المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية يُجبر السكان على مغادرة مناطقهم بحثًا عن خدمات طبية عاجلة، خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة أو إصابات جراء القصف، كما أن تدمير الطرق يُعيق حركة التنقل والإغاثة، ويجعل الوصول إلى المساعدات أو الهروب من مناطق الخطر أكثر صعوبة وخطورة.
3.البحث عن المساعدات الإنسانية
يُضطر الكثير من السكان إلى ترك منازلهم والانتقال إلى مناطق تُوزَّع فيها المساعدات الإنسانية، سواء الغذائية أو الطبية أو مواد الإيواء، وفي الكثير من الحالات، تقطع العائلات مسافات طويلة مشيًا على الأقدام في ظروف قاسية، حاملة معها أطفالها وكبار السن، من أجل الحصول على سلة غذائية أو عبوة مياه أو وجبة ساخنة، وتحدث هذه المشاهد يوميًا في مناطق عدة من غزة، حيث تصبح المساعدات الإنسانية هي الأمل الوحيد للبقاء.
كيف يؤثر التهجير القسري على حياة المواطنين في غزة؟
يؤثر التهجير القسري على حياة المواطنين في غزة بشكلٍ بالغ الخطورة، إذ لا يقتصر أثره على فقدان المأوى، بل يمتد ليشمل الجوانب النفسية، الصحية، الاجتماعية، والاقتصادية، مما يضاعف من حجم المعاناة الإنسانية داخل القطاع، حبث يُجبر التهجير القسري آلاف العائلات على مغادرة منازلها، التي غالبًا ما تكون مدمّرة أو غير صالحة للسكن، وهذا يعني فقدان الإحساس بالأمان، وغياب الخصوصية، خاصة في أماكن الإيواء الجماعية مثل المدارس أو الخيام، حيث يعيش الناس في ظروف غير إنسانية، تفتقر للنظافة والخدمات الأساسية.
كما أن التهجير يُخلّف أثرًا نفسيًا عميقًا، خصوصًا لدى الأطفال، الذين يعانون من القلق، الاكتئاب، الكوابيس، واضطرابات ما بعد الصدمة، وفي كثير من الحالات، يُهجّر المواطنون إلى أماكن لا تتوفر فيها الكهرباء، أو الماء الصالح للشرب، أو المرافق الصحية، كما يصعب الوصول إلى الرعاية الطبية، والتعليم، وحتى الغذاء، مما يعرّض الأسر لمخاطر المجاعة، الأمراض، وتفشي الأوبئة، إضافة إلى أنه حتى بعد توقف العمليات العسكرية، لا يعود جميع المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية، إما لأنها أصبحت غير آمنة، أو لأنها دُمّرت بالكامل.
اقرأ المزيد صراع غزة من أجل البقاء في وجه الاحتلال