يُعتبر الحصار المفروض على غزة منذ سنوات طويلة من أبرز العوامل التي تؤثر سلبًا على حياة السكان اليومية. فقد أدى إلى نقص مستمر في الغذاء والماء والدواء والوقود، ما جعل تلبية الاحتياجات الأساسية اليومية أمراً صعباً للغاية، خصوصًا للعائلات الكبيرة والأطفال والنساء وكبار السن.
ما هو تأثير الحصار على الحياة اليومية في قطاع غزة؟
تأثير الحصار على الجانب الصحي:
يُعتبر الجانب الصحي في غزة من أكثر المجالات تضررًا نتيجة الحصار المستمر. فالقيود على دخول المواد الأساسية الطبية والوقود أثرت بشكل مباشر على قدرة المستشفيات والمراكز الصحية على العمل بكفاءة. كثير من المستشفيات اضطرّت لتقليص الخدمات أو إيقاف تشغيل بعض الأقسام، بما في ذلك غرف العمليات والعناية المركزة، بسبب نقص المعدات والأدوية والوقود اللازم لتشغيل الأجهزة الحيوية. كما أدى الحصار إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، مثل المضادات الحيوية، مسلتزمات الجراحة، أجهزة التنفس الصناعي، وأدوات التعقيم. هذا النقص جعل العديد من الحالات البسيطة تتحول إلى طوارئ تهدد الحياة، وزاد من الوفيات بين المرضى الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى العلاج في الوقت المناسب.
الأزمة الصحية لم تقتصر على نقص الأدوية والخدمات، بل شملت نقص الكوادر الطبية بسبب إصابات أو وفاة بعضهم أثناء العدوان أو نزوح آخرين. هذا أضعف قدرة النظام الصحي على الاستجابة للحالات الطارئة، وزاد من الضغط على الفرق الطبية المتبقية، التي تعمل غالبًا فوق طاقتها. كما ساهم الحصار في انتشار الأمراض المزمنة والمعدية. توقف تشغيل محطات ضخ المياه وأعطال شبكات الصرف الصحي نتيجة نقص الوقود والمعدات أدى إلى تلوث المياه، ما ساهم في انتشار الأمراض المعوية، بينما أدى نقص الرعاية الصحية إلى تفاقم حالات الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
تأثير الحصار على الجانب الاقتصادي:
أدى الحصار المستمر إلى انهيار الاقتصاد المحلي في غزة بشكل شبه كامل. القيود على حركة البضائع ومواد البناء والمواد الخام حالت دون عمل المصانع والمؤسسات التجارية، ما أدى إلى توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية. كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة أغلقت أبوابها بسبب صعوبة الاستيراد وارتفاع التكاليف، ما تسبب في فقدان آلاف الوظائف وزيادة البطالة بشكل كبير. كما الحصار أثر أيضًا على الزراعة والصيد، وهما من الموارد الرئيسية للرزق في غزة. قيود إدخال المعدات الزراعية والأسمدة والوقود للصيد البحري قللت الإنتاج المحلي، ما زاد من اعتماد السكان على المواد الغذائية المستوردة، والتي غالبًا ما تصل بشكل محدود وغير منتظم بسبب القيود على المعابر. وأدى أيضا الوضع الاقتصادي المتدهور إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما جعل القدرة الشرائية للأسر محدودة جدًا. السكان يضطرون إلى تقليل عدد الوجبات اليومية أو شراء مواد غذائية أقل جودة، ما يزيد من معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء وكبار السن.
تأثر الحصار على الجانب التعليمي:
الحصار المفروض على غزة أثر بشكل كبير على المنظومة التعليمية من جميع الجوانب. قيود إدخال مواد البناء واللوازم المدرسية حالت دون إصلاح المدارس المتضررة أو تزويدها بالمعدات الأساسية مثل الأثاث والكتب والأدوات التعليمية. كثير من المدارس تعرضت للتدمير الجزئي أو الكلي خلال العدوان، ما أدى إلى توقف الدراسة أو انتقال الطلاب إلى مدارس مكتظة بشكل كبير. انقطاع الكهرباء وندرة الوقود أثر أيضًا على عملية التعليم اليومية، خصوصًا في المدارس التي تعتمد على تشغيل المولدات أو الأجهزة الإلكترونية مثل الحواسيب والمختبرات. كما أدى الحصار إلى صعوبة الوصول إلى الإنترنت والمواد التعليمية الرقمية، ما حدّ من إمكانية التعلم عن بعد أو تنفيذ برامج تعليمية حديثة. كما الحصار أثر كذلك على الكوادر التعليمية، حيث أصيب أو نزح بعض المعلمين والمدرسين، بينما يعاني الآخرون من ضغط نفسي واقتصادي شديد. هذا أثر على جودة التعليم، وزاد من صعوبة تقديم الدعم الأكاديمي للطلاب، خصوصًا أولئك الذين يواجهون صدمات نفسية نتيجة الحرب والنزوح.
ما هي العواقب الاجتماعية للحصار على سكان غزة؟
1. تدهور مستويات المعيشة
أدى الحصار المستمر على قطاع غزة إلى تدهور حاد في مستويات المعيشة للسكان. بحلول بداية الأسبوع الثالث من الحرب، أصبح جميع سكان غزة تقريبًا يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، فقد تسببت القيود على الحركة والتجارة، إلى جانب تدمير البنية التحتية، في ارتفاع معدلات البطالة والفقر بشكل غير مسبوق.
2. انهيار النظام التعليمي
تسبب الحصار في تدمير العديد من المنشآت التعليمية، مما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية. أغلقت المدارس أبوابها، وتعرض الطلاب والمعلمون لصعوبات جمة في مواصلة التعليم، ما أثر سلبًا على مستقبل الأجيال القادمة.
3. تدهور النظام الصحي
أدى الحصار إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما جعل المستشفيات والمراكز الصحية غير قادرة على تقديم الرعاية اللازمة للمرضى. تفاقمت الأمراض المزمنة، وزادت معدلات الوفيات، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
اقرا المزيدالأزمة الصحية والإنسانية في غزة الآن
4. تزايد معدلات الهجرة والنزوح
أدى الحصار إلى تزايد معدلات الهجرة والنزوح داخل القطاع، حيث بحث العديد من السكان عن مناطق أكثر أمانًا أو فرصًا أفضل للعيش. هذا النزوح الداخلي فاقم من الأوضاع الإنسانية، وزاد من الضغط على المناطق المستقبلة.