في ظل التصعيد المتستمر وانهيار شبه كامل للقطاع الصحي في غزة، تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز قدرات خدمات الطوارئ والإسعاف، وعلى رأسها توفير سيارة إسعاف مجهزة. يُعد وجود سيارات الإسعاف عنصرًا أساسيًا في نظام الرعاية الصحية، لدورها الكبير في نقل المرضى وإنقاذ الأرواح، وضمان الاستجابة السريعة للإصابات والحالات الحرجة، لا سيما في ظل العدوان المتكرر والقصف المتواصل، وصعوبة الوصول الآمن إلى المرافق الطبية.
لماذا تعد سيارة الإسعاف ضرورة عاجلة في غزة؟
يشهد قطاع غزة منذ بدء تصاعد العدوان في اكتوبر 2023 وضعً كارثيًا في القطاع الصحي، فحسب وزارة الصحة دمر جيش الإحتلال الإسرائيلي أكثر من 60 سيارة إسعاف، واستهداف 160 مؤسسة صحية، وخروج 28 مستشفى عن الخدمة، مما تسبب في عجز عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من الجرحى والمرضى يوميًا، في ظل نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وضعف القدرة على الوصول إلى المناطق المنكوبة ونقل الحالات الطارئة، مما فاقم من حجم الكارثة الإنسانية بشكل غير مسبوق.
1. ارتفاع كبير في أعداد الجرحى والمصابين يوميًا
بلغ عدد المصابين والجرحى منذ بدء العدوان ما يزيد عن 131559 شخصًا، 70% من الضحايا هم من الأطفال والنساء، وهذا الارتفاع المستمر يفوق قدرة المستشفيات والفرق الطبية على الاستيعاب، خاصة في ظل نقص الكوادر الطبية وخروج عدد كبير من المرافق الصحية عن الخدمة. كما أنه يشكل ضغطًا دائمًا على سيارة الإسعاف، ويزيد من أهمية وجود عدد كافٍ منها، مجهز بالمعدات اللازمة وطواقم مدربة، لضمان استجابة الطوارئ في غزة.
2. تدمير عدد كبير من المستشفيات والمراكز الصحية
منذ بداية العدوان، استهدفت قوات الاحتلال بشكل مباشر العديد من المستشفيات والمراكز الصحية في غزة، مما أدى إلى خروج عشرات المرافق الطبية عن الخدمة، إما بسبب الدمار الكلي أو الأضرار الجسيمة أو انقطاع الكهرباء والماء والوقود. أدى ذلك إلى تدمير للبنية التحتية الصحية مما قلل بشكل كبير عدد الأماكن التي يمكن أن تستقبل المرضى والمصابين.
وبالرغم من ذلك، لا تزال بعض المستشفيات القليلة تحاول العمل رغم ضعف الإمكانيات والاكتظاظ، لكنها لا تستطيع استيعاب جميع الحالات القادمة من مختلف مناطق القطاع. وهنا تبرز الحاجة الملحّة لوجود سيارات إسعاف جديدة في غزة، تعمل على نقل الجرحى والمرضى من المناطق التي تضررت فيها المرافق الصحية إلى المراكز المتبقية القادرة على تقديم العلاج.
3.صعوبة استخدام المركبات العادية في نقل المصابين
في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة، تعرّضت أعداد كبيرة من المركبات الخاصة للتدمير أو التضرر نتيجة القصف المباشر أو الشظايا، كما أن الطرقات لم تعد آمنة أو صالحة للاستخدام بفعل الركام والانهيارات. هذا الواقع أدى إلى شلل شبه كامل في حركة النقل، خاصة في الحالات الطارئة. وإضافة إلى ذلك، فإن المركبات العادية، حتى وإن كانت صالحة للعمل، لا تحتوي على أي تجهيزات طبية أو أدوات إسعاف. وبالتالي، فإن محاولة نقل المصابين باستخدام وسائل نقل غير مجهزة قد يعرضهم لمضاعفات خطيرة أو حتى الوفاة أثناء الطريق.
ما هو دور سيارة الإسعاف خلال الأزمات الإنسانية في غزة؟
1. تقديم الإسعافات الأولية داخل سيارة الإسعاف في ميدان الحدث قبل الوصول للمستشفى
تقوم الفرق الطبية داخل سيارة الإسعاف بتقديم خدمات الإسعاف الطبي للحالات الحرجة التي تتطلب تدخلاً علاجيًا فوريًا قبل ما يتم نقلهم إلى المستشفيات، بهدف تثبيت حالة المصاب وتقليل خطر الوفاة أو المضاعفات الخطيرة. وتشمل هذه الإسعافات:
-
إيقاف النزيف.
-
إنعاش القلب والتنفس.
-
تثبيت الكسور والجروح.
-
إعطاء الأوكسجين، ومراقبة المؤشرات الحيوية.
2. الاستجابة السريعة للحالات الطارئة
تُعد الاستجابة السريعة واحدة من أهم الوظائف التي تقوم بها سيارة الإسعاف، خاصة في ظل الظروف التي يمر بها قطاع غزة، التي تشهد عدوان متكرر وقصف مستمر مما أدى إلى أزمات متلاحقة وظروفًا صحية معقدة. وتشمل هذه الاستجابة:
-
الوصول إلى المصابين خلال دقائق من وقوع الحادث رغم المخاطر الميدانية أو الأضرار في البنية التحتية.
-
تقديم الإسعافات الأولية في الموقع لضمان استقرار الحالة الصحية للمصاب قبل نقله.
-
نقل الحالات الحرجة بسرعة إلى المرافق الصحية القادرة على توفير الرعاية.
3. الوصول إلى المناطق المدمرة
دمر الإحتلال الإسرائيلي المناطق في غزة، حيث تتعرض العديد من المناطق السكنية والبنى التحتية للتدمير الكامل أو الجزئي، ما يؤدي إلى عزل أحياء كاملة عن محيطها، ويجعل الوصول إليها بالغ الصعوبة. ونتيجة لذلك، تقوم سيارات الإسعاف بالدخول إلى المناطق المتضررة رغم المخاطر، لإخلاء المصابين الذين لا يستطيعون الخروج بمفردهم نتيجة الإصابات أو الدمار أو انقطاع الطرق. كما أنها تعمل على توفير تدخل طبي أولي عاجل في مناطق لا يتوفر فيها أي شكل من أشكال الرعاية الصحية. إضافة إلى نقل الحالات الحرجة من مناطق نائية أو محاصرة إلى المستشفيات التي لا زالت بالكاد تعمل، لتلقي العلاج المناسب.
أهمية وجود سيارة الإسعاف في غزة
أصبحت العديد من سيارات الإسعاف في غزة خارج الخدمة نتيجةً للاستهدافات المتكررة التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي. فقد تم تدمير عدد كبير من مركبات الإسعاف أثناء تأديتها لمهامها الإنسانية، ما أدى إلى تراجع كبير في قدرة منظومة الطوارئ على الاستجابة السريعة ونقل المصابين. هذا الواقع المأساوي أدى إلى نقص حاد في وسائل النقل الطبي، وزاد من صعوبة الوصول إلى الجرحى والمصابين في الوقت المناسب، مما يهدد حياتهم ويضاعف من حجم الكارثة الصحية والإنسانية في القطاع.
لذلك يعد دعم توفير سيارة إسعاف ضرورة إنسانية عاجلة، تسهم بشكل مباشر في إنقاذ الأرواح، وتُخفف من معاناة المدنيين المحاصرين في ظل انهيار النظام الصحي واستمرار العدوان. فوجود سيارة إسعاف مجهزة يتيح تقديم الرعاية الطبية الفورية في موقع الحدث، من خلال الإسعافات الأولية التي قد تُحدث فرقًا بين الحياة والموت، خصوصًا في الحالات الحرجة الناتجة عن القصف أو الانفجارات.
كما تمكّن سيارات الإسعاف من الوصول إلى المناطق المتضررة بشدة، حيث لا تتوفر وسائط نقل آمنة، وتُعد الوسيلة الوحيدة لنقل الجرحى إلى المستشفيات التي لا تزال تعمل. إضافة إلى ذلك، تُساهم في تخفيف العبء عن المستشفيات المكتظة، عبر نقل المرضى بين المرافق الصحية وتنظيم حركة الحالات الطارئة حسب درجة الخطورة.
وفي ظل النقص الحاد في الكوادر الطبية والمعدات، تُعد سيارة الإسعاف المتنقلة أداة دعم أساسية للطاقم الطبي، إذ توفر بيئة طبية ميدانية تساعدهم على اتخاذ الإجراءات المنقذة للحياة أثناء النقل. إن تأمين سيارات إسعاف إضافية يُعزز من استمرارية العمل الطبي، ويرفع من كفاءة الاستجابة الإنسانية في واحدة من أكثر المناطق تضررًا في العالم.