منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، أصبحت نساء غزة تعاني بشكل خاص من آثار القصف والدمار. ومن ثم اضطررن إلى ترك منازلهم التي تدمرت أو أصبحت غير صالحة للعيش. وفي ظروف مفاجئة وقاسية لم يعد أمامهم سوف الفرار إلى أماكن يُعتقد أنها أكثر أمان، مثل المدارس أو الخيام المؤقتة، لكن غير أنها أماكن ليس بها أبسط مقومات الحياة ، أيضًا هذا الأماكن تعرضت للقصف العنيف. حيث أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم مروعة بحق النساء في غزة، واستخدم العنف والقتل والتهجير القسري في سبيل تحقيق أهدافه.
بعد ما كانت نساء غزة تعيش بشكل طبيعي، انتقل بهم وضع الحرب إلى العيش في الخيام، بدون أمان وفي ظروف صحية صعبة وتحت القصف، ولم يقتصر الأمر فقط على النزوح أو عدم وجود مأوى، بل أصبحت كرامتهن وحقوقهن الأساسية مستهدفة بشكل مباشر. ومن الصعب القول أن حتى الحوامل والمرضى منهم تعرضن للعنف والتجويع والإذلال، كما أن الكثير من النساء في غزة يقفن طوابير طويلة من أجل القليل من الطعام أو الماء.
وضع نساء غزة المأساوي
أكثر من 28,000 امرأة ذهبت ضحية القصف العنيف الذي استخدمة الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب. والوضع أصبح أكثر سوء بسبب استئناف الحرب في مارس 2025، حيث ساءت أوضاع النساء بشكل كبير، وذلك بسبب الحصار المشدد الذي يمنع دخول المساعدات الإنسانية. واستمر الحصار أكثر من تسعة أسابيع مما جعل من وضع النساء في غزة كارثي.
هنالك ما يزيد عن مليون امرأة فتاة في غزة يتعرضن للجوع بشكل يومي، وهذا دون توفير الحد الأدنى من الغذاء أو الحماية من العنف الذي يتعرضن له من الاحتلال الإسرائيلي، سواء كان العنف من خلال إجبارهم على النزوح أو من خلال عدم وجود رعاية طبية للأمهات والحوامل، وتعرضهم للانتهاكات والعنف. الأمر الذي تسبب في جعل الوضع يتجاوز حدود اعتباره مجرد أزمة.
ومع ذلك، وزيادة ضغط الحرب والقصف، إلا أن أجربت سلطات الاحتلال الإسرائيلي آلاف النساء على ترك منازلهم بشكل قسري، وبدون إرادتهن، والمشي لمسافات طويلة تصل إلى خمس ساعات سيرًا على الأقدام، وذلك وسط إطلاق نار والقصف المستمر، وهذا جعل الطريق نفسه مليء بالمخاطر والموت المحتوم. إضافة إلا أنه يحدث وسط ادعاء الاحتلال بأن أي منطقة سوف ينزحون إليها ستكون آمنة، لكن الواقع مختلف بشكل مأساوي، حيث أن كل مكان ينزحون له يتعرض للقصف العنيف.
ضرر الحرب الأكبر يقع على نساء غزة
النساء في غزة يعشن كابوسًا مأساوي غير إنساني وهذا يحدث يوم بعد يوم، ومع عدم توقف خوفهم وزيادة سوء وفظائع ما يتعرضن له من جوع ونزوح وانتهاك حقوقهم. لكن الأسوء أن العالم يشاهد بصمت ذلك الحدث، دون استجابة أو حتى تدخل، يراقب دون تحرك لإنقاذهم.
النساء تم تركهم لمواجهة الجحيم بعينه، بينما تقف الدول والمؤسسات غير مبالية، وكأن ما يحدث لا يخصها بشيء، وهذا يزيد من إحساس نساء غزة بالظلم والقهر. ووسط كل ما يحدث للنساء في غزة، لا يزلن يواجهن ظروف الحرب ويتحملن مسؤوليات كبيرة من أجل حماية أطفالهن ورعاية عائلاتهم. وذلك رغم الجوع والخوف وفقدان الأحبة إلا أنهن لا يزلن متمسكات بالأمل في غد أفضل.
كما أن المرأة الفلسطينية ليست مجرد فرد عادي بل هي عنصر محوري في الهوية الوطنية والمقاومة، لأنها تحمل الجيل القادم وهي هدف مباشر لحرب الابادة على الفلسطينيين، لإن الوجود الفلسطيني مرتبط بها. فالمرأة الفلسطينية مناضلة ولهذا الاحتلال الإسرائيلي يستخدمها كأداة من أدوات الحرب تجاه الفلسطينيين في غزة.
اقرأ المزيد دعم النساء في غزة:
استهداف الجنود الإسرائيليين للنساء
النساء لا تُستهدف فقط لأنها موجودة في الحرب، بل لأنها تحمل في جسدها وروحها مشروع البقاء الفلسطيني، ولهذا فإن استهدافهم لا يكون بشكل عشوائي، بل هو جزء من سياسة الابادة العرقيّة، ومنظمة تهدف إلى إنهاء القضية من جذورها.
كما أن الاحتلال الإسرائيلي يرى النساء في غزة على أنهم خطر وتهديد أكثر بكثير من الرجل لأن بقائهم يعني استمرار عدة أجيال، ويرى أنه يجب إزالة هذا التهديد لهذا يتم استهداف النساء في غزة بشكل عنيف.
يتم استهداف نساء غزة لأنهم رمز للحياة، وأي محاولة لإنهائهم يعني ذلك إنهاء حياة غزة. الاحتلال الإسرائيلي لا يتعامل مع أجساد النساء ككيانات لها حرمة وحقوق أنسانية، بل يتم النظر لهم من منظور سياسي واستعماري، فالمرأة بالنسبة لهم هي وسيلة لإذلال جماعي، وضغط واستهداف ممنهج للقضاء على العرق الفلسطيني.
ما تتعرض له النساء في غزة ليس فقط اعتداء وإهانة فردية، بل هو جزء لفرض السيطرة والإخضاع، لذلك في وضع الحرب يستخدم الاحتلال الإسرائيلي النساء للترهيب ليس فقط من خلال القتل، لا بل أيضًا تعرض النساء للعنف والاعتداءات والتشويه الجسدي والنفسي المتعمد، وحرمهم حتى من الحماية في أماكن النزوح.
العنف والمآسي التي تتعرض لها النساء في غزة لا حد لها، وهي رسالة قاسية للفلسطينيين بأن الجسد الفلسطيني لا قيمة له، وأن لا أحد يستطيع النجاة. كما أن العنف تجاه النساء يخلق بيئة من الخوف والعار داخل الحرب.
إن الاحتلال الإسرائيلي جعل من الأمومة رمز للاستمرار وجعلها عبء ثقيل تعيشة النساء تحت النار والجوع والحصار، بسبب عدم قدرة المرأة على توفير الأمان لطفلها أو التغذية والرعاية أو حتى توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة بسبب الحصار والتجويع الذي فرضه الاحتلال.