أزمة المياه والكهرباء وتداعياتها على السكان في غزة

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Threads

أزمة المياه والكهرباء أحد أخطر التحديات الإنسانية المعيشية التي يواجهها السكان منذ سنوات طويلة، وقد تفاقمت بصورة غير مسبوقة مع تكرار جولات التصعيد العسكري وتدمير البنية التحتية. فالموارد الطبيعية المحدودة في القطاع، إلى جانب الحصار والقيود المفروضة على إدخال الوقود ومواد الصيانة، جعلت من الحصول على الكهرباء والمياه الصالحة للشرب مسألة بقاء يومية.

 أسباب أزمة المياه والكهرباء في غزة

تكمن خطورة الأزمة في أنّها لا تقتصر على الانقطاع المتكرر للخدمات الأساسية فحسب، بل تمتد لتشمل تلوث المياه الجوفية، تعطّل محطات التحلية والصرف الصحي، وانهيار شبكات التوزيع، ما يهدد الصحة العامة ويزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية.

أسباب أزمة الكهرباء في غزة :

أسباب أزمة الكهرباء والماء

1.تدمير البنية التحتية للكهرباء

استُهدفت محطة توليد الكهرباء مراراً في الغارات، ما أدى إلى تدمير خزانات الوقود والتوربينات ومراكز التحكم. حتى عند ترميمها جزئياً، تبقى قدرتها أقل بكثير من حاجة السكان. كما أن القصف والعمليات العسكرية دمّرت أو عطّلت خطوط الضغط العالي التي تنقل الكهرباء من إسرائيل ومصر، وفي بعض الأحيان يصعب إصلاحها بسبب القيود على دخول فرق الصيانة أو المعدات. إضافة إلى أن أعمدة الكهرباء، الكابلات الأرضية، ومحطات التحويل الفرعية تعرضت للتدمير أو الانقطاع. هذا يعني أن حتى الكهرباء المتوفرة لا تصل إلى البيوت والمستشفيات بشكل مستقر.

ونتيجة ذلك، هبطت قدرة التوليد الفعلية إلى أقل من نصف الحاجة الأساسية للسكان، والانقطاع اليومي يصل إلى أكثر من 16–20 ساعة في اليوم في بعض الفترات، كما توقف الكهرباء ينعكس فوراً على تشغيل المستشفيات، محطات ضخ المياه، ومحطات الصرف الصحي.

2.نقص الوقود

دخول الوقود إلى غزة يخضع لسيطرة مشددة، وأي إغلاق أو قيود على الكميات يسبب نقصاً فورياً. كما أن غزة لا تنتج الوقود محلياً، وبالتالي أي عرقلة في الإمداد الخارجي تؤدي إلى أزمة مباشرة. وأثناء القصف أو انقطاع الكهرباء، يزداد الاعتماد على المولدات الخاصة، ما يرفع الاستهلاك بشكل كبير.

ونتيجة لذلك، توقف محطة الكهرباء أو تشغيلها بقدرة جزئية فقط، وانهيار الخدمات الصحية، المستشفيات تعتمد على المولدات؛ فعند نفاد الوقود تتوقف أجهزة العناية المركزة وأجهزة غسيل الكلى، إضافة إلى توقف ضخ المياه والتحلية، فبدون وقود لا تعمل المضخات، فينقطع وصول المياه النظيفة للبيوت. وتفاقم التلوث فعند توقف محطات الصرف الصحي بسبب غياب الوقود، تُصرَّف المياه العادمة إلى البحر أو الشوارع.

اقرأ المزيد أزمة الوقود في غزة

3.عجز الصيانة

يعود عجز الصيانة في قطاع غزة إلى عدة عوامل متشابكة، أبرزها القيود المفروضة على إدخال المعدات وقطع الغيار اللازمة لإصلاح شبكات الكهرباء والمياه، حيث تُصنَّف كثير من هذه المواد ضمن قائمة الاستخدام المزدوج، ما يعيق وصولها بشكل منتظم. كما أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة تمنع فرق الصيانة من الوصول السريع إلى مواقع الأعطال، إضافة إلى ضعف التمويل والأزمة الاقتصادية التي تحد من قدرة المؤسسات على دفع رواتب الفنيين وشراء المعدات. ويزيد الأمر تعقيداً تكرار الأضرار الناتجة عن الاستهدافات العسكرية، مما يجعل أي عملية إصلاح عرضة للتدمير مرة أخرى.

هذا العجز في الصيانة يؤدي إلى انقطاع طويل الأمد للكهرباء والمياه، إذ تبقى الأعطال دون معالجة سريعة. كما يساهم في فقدان كفاءة الشبكات وتراجع قدرتها على نقل وتوزيع الخدمات الأساسية بشكل مستقر.

أسباب أزمة المياه في غزة:

أسباب أزمة الكهرباء والمياه

1.تدمير شبكة المياه ومحطات المعالجة

يتعرض قطاع غزة لتدمير متكرر في شبكات المياه ومحطات المعالجة نتيجة العمليات العسكرية المباشرة أو غير المباشرة، حيث تتضرر خطوط الأنابيب ومحطات الضخ والتحلية، مما يؤدي إلى تعطّلها عن العمل. كما أن محطات الصرف الصحي تُستهدف أو تُعطَّل، فتفقد القدرة على معالجة المياه العادمة. ويُضاف إلى ذلك ضعف البنية التحتية أصلاً بفعل قدمها وقلة الصيانة، إلى جانب غياب الكهرباء والوقود اللازمين لتشغيل محطات الضخ والمعالجة حتى في حال عدم تدميرها بالكامل.

أدى هذا التدمير إلى انقطاع متكرر لمياه الشرب، ما أجبر آلاف الأسر على الاعتماد على صهاريج متنقلة أو مصادر غير آمنة. كما تسبّب في تصريف كميات كبيرة من المياه العادمة غير المعالجة إلى البحر أو التربة، ما أدى إلى تلويث المياه الجوفية وزيادة ملوحتها. وتنعكس هذه الأوضاع سلباً على الصحة العامة بزيادة مخاطر انتشار أمراض معوية وأوبئة مرتبطة بتلوث المياه.

2.تلّوث المياه الجوفية

يعاني قطاع غزة من تلوث شديد في المياه الجوفية نتيجة الاستنزاف المفرط للطبقات المائية والتسرب التدريجي لمياه البحر المالحة إلى الخزانات الجوفية، إضافة إلى تصريف كميات كبيرة من المياه العادمة غير المعالجة بسبب توقف محطات الصرف الصحي والتحلية.

أدى تلوث المياه الجوفية إلى زيادة صعوبة الحصول على مياه شرب آمنة للسكان، ما دفع الكثيرين للاعتماد على مصادر بديلة مكلفة أو غير آمنة. كما زاد من مخاطر تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه مثل الإسهال والتهابات الجهاز الهضمي، وأثر سلباً على الزراعة والبيئة المحلية بسبب الملوحة العالية وتلوث التربة، مما يجعل استعادة جودة المياه الجوفية أكثر صعوبة على المدى الطويل.

3.تعطل محطات الصرف الصحي

تعطّلت محطات الصرف الصحي في قطاع غزة نتيجة الدمار المباشر خلال العمليات العسكرية وضعف البنية التحتية القديمة، إضافةً إلى نقص الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل المضخات والمحطات، ما أدى إلى توقفها عن العمل. كما أن القيود على دخول مواد الصيانة وقطع الغيار أعاقت إصلاح الأعطال بسرعة، فظلّت المحطات غير قادرة على معالجة المياه العادمة بالشكل المناسب.

أدى تعطل محطات الصرف الصحي إلى تصريف كميات كبيرة من المياه الملوثة مباشرة في البحر أو الأراضي المجاورة، ما زاد من تلويث البيئة والمياه الجوفية وهدد الصحة العامة بانتشار الأمراض المعوية والجلدية. كما أثر هذا التلوث على الزراعة والموارد الطبيعية، وجعل أي محاولة لإعادة تشغيل شبكة المياه أكثر صعوبة بسبب تراكم النفايات والمخلفات الملوثة في الأنابيب والمجاري.ط

تبرع الآن

أثر أزمة المياه والكهرباء على حياة السكان في غزة

تُعد هذه الأزمة في قطاع غزة من أكثر الأزمات تعقيداً وتأثيراً على تفاصيل الحياة اليومية، حيث لم تَعُد مجرد مشكلة خدمية، بل تحوّلت إلى تهديد وجودي يطال الصحة العامة والأمن الغذائي والاقتصاد والحياة الاجتماعية للسكان. فقد أصبح انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ـ قد تصل إلى عشرين ساعة يومياً ـ يفرض على الأسر أسلوب حياة قسري يقوم على التدبير والانتظار، حيث تُعطَّل الأجهزة المنزلية الأساسية، ويُحرم الأطفال من أجواء دراسية ملائمة، ويعيش المرضى وكبار السن في ظروف خطرة لعدم توفر أجهزة التبريد أو التدفئة أو حتى الإنارة اللازمة للعناية الطبية في البيوت.

أما على صعيد المياه، فإن النقص الحاد في الكميات المتاحة وتلوث معظم المصادر الجوفية دفع السكان للاعتماد على مياه الصهاريج أو شراء مياه محلاة بتكاليف باهظة تفوق إمكانات غالبية الأسر، ما عمّق الفجوة بين الاحتياجات الأساسية والدخل المحدود. هذا الواقع أدى إلى تدهور النظافة العامة وزيادة انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه مثل الإسهال والتيفوئيد، إضافة إلى ارتفاع حالات سوء التغذية وضعف المناعة لدى الأطفال بسبب استهلاك مياه غير آمنة. كما انعكس غياب الكهرباء على تشغيل محطات التحلية والصرف الصحي، ما أدى إلى ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة في البحر، وتلويث البيئة البحرية والساحلية التي يعتمد عليها الصيادون في كسب رزقهم، وبالتالي تقلصت مصادر الغذاء وازدادت معاناة القطاع الاقتصادي المرتبط بالبحر.

تبرع الآن

ومن الناحية الاقتصادية، تعرقلت الأنشطة الإنتاجية والصناعية الصغيرة نتيجة الانقطاعات المستمرة، حيث يصعب تشغيل الورش والمصانع بدون تيار كهربائي مستقر، مما ساهم في تفاقم البطالة والفقر. أما التعليم، فقد تأثر بشكل واضح، إذ يصعب على الطلبة الدراسة ليلاً أو استخدام الوسائل الإلكترونية، في وقت أصبحت فيه الكهرباء شرطاً أساسياً للتعليم عن بُعد والتواصل مع العالم. وإلى جانب ذلك كله، أفرزت الأزمة ضغوطاً نفسية واجتماعية هائلة؛ فالعيش المستمر في ظروف نقص الخدمات يولد شعوراً بالعجز والإحباط والخوف من المستقبل، ما يزيد من معدلات الاكتئاب والقلق داخل المجتمع، ويؤثر في التماسك الأسري والاجتماعي.

اقرأ المزيد مشروع الطاقة الشمسية في غزة

جدول المحتويات

العربيةarالعربيةالعربية