تتطلب غزة في الوقت الراهن مساعدات إنسانية عاجلة بهدف توفير الاحتياجات الأساسية للسكان من غذاء، وماء، ودواء، ومأوى، إلا أن قيود متعددة تعرقل التوزيع، وعلى الرغم من دخول مساعدات إنسانية للقطاع، إلا أن الكميات الحالية لا تزال أقل بكثير من الاحتياجات الهائلة لسكان غزة، الأمر الذي يدل على حجم المعاناة التي خلفتها الحرب والتصعيد المستمر على الاسكان في غزة.
نظرة شاملة على تدفق مساعدات إنسانية من أجل غزة وتحدياتها
تدخل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل رئيسي عبر معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم. وقد أشارت تقارير حديثة إلى دخول مئات الشاحنات، بما في ذلك شاحنات محملة بالوقود والغاز. على سبيل المثال، دخلت 200 شاحنة مساعدات مصرية عبر كرم أبو سالم، وهناك قوافل إنسانية أخرى تنتظر الدخول. ومع ذلك، فإن هذه الشاحنات تخضع لآلية تدقيق ومراجعة من قبل السلطات الإسرائيلية، التي قد تسمح أو تمنع دخولها، وغالبا تمنع، مما يؤدي إلى تباطؤ كبير وتقييد في الكميات.
وتعتمد آليات الوصول على المعابر البرية، وفي بعض الحالات، تم استخدام الإنزالات الجوية للمناطق التي يصعب الوصول إليها. ومع ذلك، يظل التوزيع الفعلي غير مستقر بسبب القيود الإسرائيلية والتحديات الأمنية داخل القطاع، مما يعيق وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين، خاصة في المناطق المتأثرة بالصراع.
كما يعاني قطاع غزة من نقص حاد في الغذاء، والدواء، والمستلزمات الأساسية، ومع تحذيرات متزايدة من استمرار التجويع الممنهج في حال استمرار القيود على دخول المساعدات، ملايين الفلسطينيين يعانون من الجوع وسوء التغذية ونقص الخدمات الأساسية، مما يتطلب استجابة عاجلة وشاملة.
اقرأ المزيد تصاعد أزمة التجويع في غزة
مساعدات إنسانية متطلب عاجل في الوقت الراهن
على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب في غزة، فإن ذلك لا يعني انتهاء المجاعة والمعاناة التي يواجهها السكان، إذ ما زالت آثار الحرب تلقي بظلالها الثقيلة على جميع جوانب الحياة. ويُعدّ الوضع الإنساني الراهن في القطاع بالغ الخطورة، ويحتاج إلى مساعدات عاجلة ومكثفة لتخفيف الكارثة التي خلّفها الدمار الواسع.

تتمثّل أسباب الحاجة الماسة إلى مساعدات إنسانية في عدة جوانب رئيسية، أهمها:
1.انعدام المأوى
نتيجة القصف المكثف خلال الحرب، دُمّرت عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بالكامل، وتضررت أخرى جزئيًا لتصبح غير صالحة للسكن، وتُقدَّر نسبة الدمار في بعض المناطق مثل غزة المدينة وخان يونس بما يزيد على 80٪ من المباني، وهذا يعني أن مئات الآلاف من الأسر فقدت منازلها أو اضطرت إلى مغادرتها بسبب خطر الانهيار أو انعدام الخدمات الأساسية.
ملايين الأشخاص اضطروا للنزوح من مناطقهم باتجاه مناطق يُعتقد أنها “أكثر أمانًا”، مثل جنوب القطاع أو المناطق القريبة من المراكز الإغاثية، وكثير من العائلات تعيش اليوم في خيام مؤقتة، أو داخل مدارس ومبانٍ مهدّمة جزئيًا، دون خصوصية أو تجهيزات أساسية. ومع ندرة الأراضي الصالحة للإقامة وارتفاع تكاليف الإيجار والخيام، يجد النازحون أنفسهم في تنقل دائم، من منطقة إلى أخرى بحثًا عن مأوى مؤقت.
الخيام المتوفرة لا تكفي الجميع، وغالبًا ما تكون غير مقاومة للأمطار أو الرياح، ما يجعل الحياة فيها صعبة جدًا، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء، وتفتقر هذه الملاجئ إلى دورات مياه كافية، ونظام صرف صحي، وكهرباء، مما يسبب انتشار الأمراض وصعوبة في الحفاظ على النظافة الشخصية. كثير من الأسر تفتقر للبطانيات والملابس الدافئة، ويعتمدون على المساعدات المحدودة التي تصل بشكل متقطع.
اقرأ المزيد أزمة المياه والكهرباء وتداعياتها على السكان في غزة
2.نقص الغذاء واستمرار التجويع
الحرب تسببت في تدمير أو تعطيل عدد كبير من الأسواق، المستودعات، والمخابز، ما أدى إلى انخفاض كبير في توفر المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز، الأرز، الحبوب والزيوت، وباتت أسعار المواد الغذائية بمرتفعة، ما جعلها خارج قدرة غالبية الأسر، والكثير من الأسر تعتمد على المساعدات الغذائية الدولية، لكنها غير كافية لتغطية احتياجات الجميع.
ورغم دخول بعض الشحنات الغذائية عبر المعابر، إلا أن كمية المساعدات أقل بكثير من حاجة السكان الفعلية، غالبًا تصل المساعدات إلى بعض المناطق بينما تبقى مناطق أخرى معزولة بسبب الدمار أو القيود الأمنية. ونتيجة لذلك، العائلات تضطر إلى تقليل وجباتها اليومية أو الاستغناء عن بعض أنواع الغذاء الأساسية، ما يزيد من سوء التغذية خاصة بين الأطفال.
3.تدهور الخدمات الصحية
تسببت الحرب في تدمير أو تعطيل عدد كبير من المستشفيات والمراكز الصحية، بما فيها أقسام الطوارئ وغرف العمليات، فالعديد من المرافق الطبية تعمل الآن في مباني مهدّمة جزئيًا أو في ظروف غير آمنة، ما يحد من قدرتها على تقديم خدمات صحية أساسية. إضافة إلى أن نقص الكهرباء والمياه أدى إلى تعطّل أنظمة التبريد للأدوية والمعدات الطبية، ما جعل بعض الأدوية غير صالحة للاستخدام.
المستشفيات والصيدليات تعاني من نقص حاد في الأدوية الأساسية مثل أدوية القلب، الضغط، السكري، والمضادات الحيوية. والمعدات الطبية الضرورية مثل أجهزة التنفس الاصطناعي، الحاضنات، وأجهزة الأشعة إما مدمرة أو غير صالحة للاستخدام. كما أن الحالات الطارئة والعمليات الجراحية الكبرى أصبحت محدودة للغاية بسبب غياب المواد والمعدات الطبية الأساسية.

